بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهمّ لا علم لنا إلا ما علَّمتنا إنَّك أنت العليم الحكيم ، اللهمّ علِّمنا ما ينفعنا ، وانْفعنا بما علَّمتنا ، وزِدنا علمًا ، وأرِنا الحقّ حقًا وارزقنا اتِّباعه ، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجْتِنابه ، واجْعلنا مِمَّن يستمعون القَوْل فيتَّبِعون أحْسَنَهُ ، وأدْخِلنا بِرَحمتِكَ في عبادك الصالحين.
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الإخوة الكرام ، الدرس اليوم مُوَجَّهٌ إلى نصف المجتمع الآخر ؛ إلى المرأة ، فالذي يُعلّم امرأةً يعلّم أُسرةً ،
الأم مدرسةٌ إذا أعددْتها .... أعددْت شعبًا طيّب الأعراق
والمقولة : أنّه من علَّم شابًّا علَّم شخصاً واحدًا ، ولكن من علَّم فتاةً علّم أُسرةً ، هناك مخالفات كثيرة جدًّا يقع بها النساء المسلمات ، عن جهلٍ أو عن تقصير مِن قِبلهنّ ، أو من قبل أزواجهنّ ، وهذه المخالفات مبوّبة ومرتّبة بحسب فروع الدِّين الكبرى ، وهذا الذي سأتحدث عنه ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي قال قلت لأبي أسامة حدثكم عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا مع ذي محرمّ به .
فما من بنْد إلا وعندي مئات بل بضع مئات من الشواهد على أنّ النّسوة اللواتي يسلكن هذا الطريق، يسْلكْنَ طريقًا مسدودًا ، فمثلاً نساءٌ مسلمات ، زوجات لِمسلمين يرتادون المساجد ، ويطلبون العلم ، قد يذهبن إلى السَّحرة والمشعوِذين والكهنة !! وكلّ هؤلاء يرتدون مسوح رجال الدّين ، و يدعّي أنّه شيخ يفكّ السِّحْر ، ويقرّب بينها وبين زوجها ، ويجلب السعادة لها، هناك من الدجاجلة والمشعْوذين ما لا سبيل إلى حصْره ، اكتُشفت امرأة تذهب إليها الفتاة تعِدُها بزوج مقابل ثلاث مئة ألف ، عندها مجموعة شبّان ترسل أحد هؤلاء الشبان فيخطبُ هذه الفتاة، فأوّلاً ترسله و يخطب ، فمعناه أن كلامها صحيح والمبلغ أخذتهُ وفْق وَعْدٍ صحيح ، ثمّ يختلق الشابّ مشكلةً وتُفسخ هذه الخطبة ، وتعود الأمور إلى مجاريها ، فلابدّ من الوعي ، آلاف المشعوذين والدجاجلة ، وكلّهم يرتدون مسوح رجال الدّين ، فالقرآن الكريم واضح ، قال تعالى: ( قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ) [ سورة الفلق ]
فالله عز وجل أمرنا أن نستعيذ به ، قال تعالى : ( ان الذين اتقوا اذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فاذا هم مبصرون ) [ سورة الأعراف ]
إذا ً اذكر الله عز وجل فذكرهُ يُذهب عنّا الشيطان و شَرّه ، فالاستعاذة بالله وذِكْر الله عز وجل وسيلتان قرآنيّتان من عند خالق الكون ، وربّنا عز وجل وصف الشيطان بأنّه وسواس خنّاس ، لمُجرّد أن تستعيذ بالله عز وجل يخنُس وينتهي ، أما حينما يلجأ الناس ، ولا سيما النِّسْوة إلى دجاجلةٍ فهذا يعني التماس الخير و الفلاح عند غير الله ، والله هناك قصص يندى لها الجبين ، هناك حالات من الزنا تتِمّ في مثل هذه الأماكن ، وهذه الحالات ينْدى لها الجبين ، وأنا لا أتكلّم من فراغ ، ولكن من واقع ، فأحد الأشخاص الذين أثقُ بهم حدّثني عن قريبه ، يرتدي مسوح رجال الدِّين ، ويحلّ مشكلات الزوجات ، وهو لا يصلّي! ويرتكب الزنا بعشرات النساء من الجاهلات اللواتي يذهبْن إلى هذا الشيخ الكذاب ليفُكّ السِّحر عن ابنتها مثلاً فحين وقع خلاف بين البنت و بين زوجها ، فالحلّ أن تذهب أُمّها إلى ساحر ، أو إلى رجلٌ يدعي أنّه رجل دين!
نحن المسلمين ديننا دين علمٍ ، ودين أدلّة ، قال عليه الصلاة والسلام تركتكم على بيضاء نقيّة ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها إلا ضالّ
يجبُ أن تعلموا علم اليقين أنّ النبي عليه الصلاة والسلام لا يؤخّر البيان عن وقته ، لو أنّ هناك طريقة لفكّ السِّحْر ، وللتأليف بين الزوجين غير هذه الآيات وتلك الأحاديث لذكرها النبي عليه الصلاة والسلام ، أما هذا الابتداع في حلّ مشكلات الناس الاجتماعيّة والأُسريّة البعيد عن الله عز وجل هو دَجَلٌ في دَجَل .
حدثني أخٌ كريم ، قال لي : يعرف امرأة في سنّ متقدمة ، تستخدمُ أساليب الخداع والاحتيال من أجل حلّ مشكلات الزوجات ، وهذه المرأة ذكيّة جدًّا فتأخذ مبلغاً ضَخماً بِنِيّة التوفيق بينها وبين زوجها ، تأمرها أن تكون نظيفةً ، وأن تعتني بأولادها ، وأن تتزيَّن لزوجها ! فعلاً تُحَلّ المشكلة بهذا الشكل ، فبماذا أمرتها ؟ بما يحبّه الزوج ، أمرتها بأشياء أمر بها النبي عليه الصلاة والسلام ، لكنّها ابْتزَّتْ مالها وأوْهمتها أنّها عن طريق السّحر والجنّ ، تمكنت من تحقيق الوفاق بينها و بين زوجها ، و لو أنّ كلّ امرأة طبّقَت منهج رسول الله وطبّقت السنّة ، لأحبّها زوجها ، ولأحبّها ربّها ، ولألقى حبّها في قلب زوجها
إذا ً أوّل مشكلة تقع بها نساء المسلمين ، وزوجات المسلمين الذين يرتادون المساجد ، أن يذهبن إلى السّحرة والمشعوِذين والكهنة
أنا رأيتُ في مصر العجب العجاب ، رأيتُ في معظم مساجدها أولياء مدفونين ، والناس يطوفون حولهم كأن قبر أحدهم مقام النبي عليه الصلاة والسلام : ويسألونهم الأولاد والرّزْق ، وهذا شركٌ بِعَينه ، لا يُسأل إلا الله عز وجل ، دقِّقوا أيّها الإخوة ، قال تعالى: ( قل اني لا املك لكم ضرا ولا نفعا ) [ سورة الجن ]
والأبلغ من ذلك قوله تعالى : ( ان الذين اتقوا اذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فاذا هم مبصرون ) [ سورة الأعراف ]
قال تعالى : ( و لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء )
هذا كلام ربّنا ، فسيّد الخلق ، وحبيب الحقّ لا يعلم الغيب ، ولو أنّه كان يعلم الغيب لاستكثر من الخير ، لا يملك لأمته نفعًا ولا ضرًّا ، ولا يملك لنفسه نفعاً و لا ضراً فلأن لا يملك لغيره من باب أولى ، أحيانًا يأتيني أخ ويقول لي : أريد عملاً لابني ، أقول له : و أنا لم أجد عملاً لابني ، فما دمت أضعُفُ عن إيجاد العمل لابني فمن باب أولى أنني لا أستطيع أن أجده لابنك، فهذا منطق سليم .
و الآن هاكم الأدلّة ، يقول عليه الصلاة والسلام :
من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة
[ رواه أحمد]
عن أبي هريرة والحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم .
[ رواه مسلم]
فهذه أكبر مخالفة تقع بها الأخوات المسلمات في شأن حلّ مشكلاتهِنَّ الزوجيّة ، زوجها لا يحبّها ، لتقصيرها ، أو لأنها تُطيعه في معصية الله عز وجل ، والله عز وجل يقول : ( وضرب الله مثلا للذين امنوا امرأت فرعون اذ قالت ربِ ابنِ لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين ) [ سورة التحريم ]
لحكمةٍ بالغةٍ بالغة شاء لها الله أن تكون صدّيقة النّساء ، زوجة أكبر طاغيَةٍ كافر في الأرض ، الذي قال أنا ربّكم الأعلى ! وبكلّ جبروته وقوّته لم يستطع أن يحمِل زوجته على الإيمان به ، فالمرأة مستقلّة في دينها عن زوجها ، ولن يُعفيَها ربّها إذا قالَت كذا يريد زوجي ، لا ! لا طاعة لمخلوق في معصيَة الخالق ، هذا منهج الله عز وجل ، إذا لم يكن هناك وئام كانت هناك معصية بالبيت ، وأشياء لا ترضي الله عز وجل ، و إصرار على معصية ، وطبعًا من أرضى الناس بسخط الله سخط عليه الله وأسخط عليه الناس ، فالمرأة التي ترضي زوجها بسخط الله عز وجل يسخط عليها ربّنا جلّ جلاله ، ويُسخِّطُ عليها زوجها .
يتبع باذن الله مع مخالفات اخرى للنساء .